لو نظرنا عبر التاريخ إلى منابع الحضارة، لوجدنا أن العمارة هي السمة المعبرة عن أصول وواقع المجتمعات فيها، وهي الهوية التي تبرز أصالتها وتعايشها مع الطبيعة. ولو تتبعنا مسار هذا الفن، عبر الأجيال، سنلتقي في أقدمها بالإنسان الذي مارس الرسم والحفر في كهفه، والذي عاش البيئة والأحداث فتأثر بها، وأثر فيها، ووضع بذور التقاليد الإنسانية، التي انعكست على ما أنتجه من آثار.
انتقال إنسان الكهف هذا إلى وسط الغابة ليبني كوخه المخروطي من فروع الأشجار، مغيراً وسيلة عيشه من الصيد إلى الرعي، وبمعنى اصح كانت هذه أولى بدايات التطور. وهذه الرحلة التي قطعها فن البناء منذ تلك العصور وحتى أيامنا، لم تتناول مضمون المبنى بأي تغيير، وإن تناولت شكله بالتحوير وفقاً لظروف الحياة في كل عصر ومكان.
العمارة إذا، هي الأم الكبرى لفنون الشكل، والمهندس هو كبير الفنانين، ذلك أن المبنى كان وما يزال يهيئ للفنون المختلفة مكانها ويحدد أهدافها. ويلتزم المعيار بمبدأ الملاءمة بين أشكال تلك العناصر ووظائفها في المبني ثم بينه وبين وظيفته في المجتمع الإنساني، بحيث تنعكس آثار ذلك على مظهره العام.
وفكرة اخضاع المبني لأغراض الاستعمال كانت من العوامل التي لعبت أهم دور في تطوير فن العمارة، كما أن احتياجات العصر كانت تقتضي بتشييد مبان لأغراض لم تكن قائمة من قبل، ولقد تضافرت أمثال هذه العوامل مع اكتشاف مواد البناء الحديثة واستخدام الحديد، والاتجاه إلى سد احتياجات المجتمع من مباني الخدمات العامة ومستوى التزايد المستمر في عدد السكان، وارتفاع مستوى المعيشة، على تشجيع المهندسين لابتكار الأشكال الملاءمة لمثل هذه الأغراض.
وبما أن العمارة علم يدرس “بفتح الراء” وجزءه القليل يدرس “بتشديد الراء” فلذلك وضعت على عاتق الذين يعملون في هذا المجال الاطلاع بشكل دائم على كل جديد في مجال الهندسة المعمارية. وكذلك الاطلاع على أفكار الآخرين بكل فروع الهندسة المعمارية ومن أهمها السكن فلذلك حاولت في هذا الموقع المتواضع أن أجمع أكبر عدد ممكن من المواضيع المعمارية ليطلع عليها الزائر سواء أكان مهندساً أو طالباً وذلك من أجل أن يرى أفكار الآخرين وحلولهم التي وضعوها، و بالتالي تساعدهم على بناء فكر معماري خاص بهم مبني على أسس صحيحة تخدم واقعنا وبيئتنا.